كيف استطاع « إدماج » سيدي مومن مواجهة السلوكيات الخطرة عبر الإدماج الثقافي؟ نقاش مع شباب وشابات مركز إدماج – سيدي مومن – عداوي زهير

كيف استطاع « إدماج » سيدي مومن مواجهة السلوكيات الخطرة عبر الإدماج الثقافي؟ 

نقاش مع شباب وشابات مركز إدماجسيدي مومن

عداوي زهير 

كما جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للشباب « تحقيق السلام والدينامية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتسامح – كل هذا وأكثر يعتمد، اليوم وغدا، على قدرتنا على الاستفادة من طاقات الشباب »، يتبين لنا أهمية ودور الشباب كقوة في التغيير الاجتماعي وتغيير السلوكيات الخطرة وتحقيق الأمن والسلم ومناهضة كل أشكال التطرف العنيف.  

فحسب إحصائيات الوكالات الإنمائية التابعة للأمم المتحدة، يوجد حالياً 1.8 مليار شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 10 و 24 سنة في العالم. إلا أن 1 من كل 10 أطفال يعيشون في مناطق الصراع و 24 مليون منهم لا يستفيدون من حقهم في التمدرس والولوج إلى الخدمات الأخرى التي تعتبر حق من حقوق الإنسان الأساسية. 

من خلال هذا وفي اطار مشروع « العلمانية ومناهضة التطرف الديني »، قمنا بتنظيم مقابلة بؤرية مع شباب وشابات سيدي مومن للتقرب أكثر من واقعهم المعيش والتعرف أكثر على طموحاتهم والعراقيل التي تحول دون مشاركتهم في الحياة العامة والمساهمة في صنع السياسات العامة الموجهة للشباب والشابات والتي من شأنها حمايتهم من كل أشكال التطرف العنيف. وفي هذا السياق قمنا بطرح مجموعة من التساؤلات على شباب وشابات سيدي مومن: لماذا « إدماج »؟ وكيف يساهم مركز « إدماج » في خلق مساحة آمنة لشباب سيدي مومن؟ ما هي أكبر إشكالية تواجه شباب وشابات الحي؟ كيف يرى شباب وشابات سيدي مومن دورهم في مواجهة التحديات التي تواجهه هذه الفئة؟ ما هي المعيقات التي تحول دون مشاركة الشباب في الشأن العام واتخاد القرار السياسي؟ ما هي نقاط قوة وضعف شباب سيدي مومن؟ وكيف يمكن تمكين الشباب المغربي؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الشباب كمحرك للتغيير الاجتماعي في محيطهم؟

حسب تصريحات مجموعة من الشباب الذين قابلناهم، يعتبر مركز إدماج (الاسم على مسمى كما جاء على الكبير والصغير) مساحة أمنة لشباب الحي من أجل مساعدة الشباب الآخرين ونشر القيم الإيجابية مع أقرانهم الذين يأتون من هامش جميع أنحاء هذه المنطقة المهمشة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا. أمام هذا الفراغ جاء المركز من أجل تدريب الأطفال والمراهقين والشباب في وضعية صعبة وهشة ليصبحوا قادة في مجتمعاتهم ومواطنين إيجابيين في محيطهم.  وذلك من خلال تنظيم مجموعة من الورشات حول القيادة والعمل الجماعي والتطوع والمواطنة والاحترام المتبادل والتسامح. كما تهدف سلسلة التداريب هذه إلى تقوية قدرات الشباب المتطوعين في المركز وتأهيلهم  للعمل مع مجتمعهم المحلية والأحياء المجاورة لسيدي مومن. كما يهدف المركز إلى توضيح الطريق أمام الشباب ومساعدتهم على التمييز بين السلوكيات الخطرة والسلوكيات الإيجابية المسؤولة ومحاولة إقناعهم أنه من خلال التعليم والعمل الجاد، يمكنهم أن يرسموا الطريق لمستقبل مزدهر. وهذا ما يزهر في جميع مقولات قيدوم المركز التي نجدها في كل مكان.

أما عن الأهداف العامة التي جاء هذا المركز من أجل تحقيقها نجد: تشجيع المواطنين على تحمل المسؤولية والعمل في أحيائهم ومجتمعاتهم؛ المشاركة في تنظيم الأنشطة الثقافية والتعليمية والاقتصادية والتكنولوجية والرياضية؛ إشراك السكان في الجهود الفردية والجماعية لتحسين نوعية الحياة؛ تشجيع التطور الأمثل لكل فرد ضمن ثقافته ومحلها؛ محاربة الانحراف والتهميش، لا سيما بين الشباب؛ تشجيع التعليم المدرسي وتقديم الدعم التعليمي كدعم تثقيفي لتخفيض نسب المتسربين من المدارس / الفشل وزيادة معدل النجاح ؛ تدريس التربية المدنية والوعي المدني من خلال العمل.

حسب تصريحات مجموعة من الشباب لقد أدى غياب الاستقرار الاجتماعي وتحديات سوق العمل والفضاءات غير المتوفرة للمشاركة المدنية للشباب إلى زيادة عزلة شباب وشابات سيدي مومن. على الرغم من أن شباب وشابات الأحياء المهمشة في حاجة اليوم إلى مساحات مأمونة أو أمنة حيث يمكنهم الاجتماع والمشاركة في أنشطة تتعلق باحتياجاتهم ومصالحهم المتنوعة، فضلا عن المشاركة في عمليات صنع القرار والتعبير عن أنفسهم بكل حرية. إلا أنه هناك انعدام تام لهذه الفضاءات بحيث نجد مركز « إدماج » هو الفضاء الوحيد الذي تتيح  لشباب الحي مساحة مدنية مخصصة للشباب و فرصة المشاركة في الألعاب الرياضية والأنشطة الترفيهية المجتمعية الأخرى ومساعدتهم على  تلبية الاحتياجات المتنوعة للشباب والشابات وخاصة أولئك المعرضين للتهميش أو العنف أو بشكل عام الشباب في وضعية صعبة. 

في الختام نود التذكير بأنه من المهم جدا انخراط المجتمع المدني في تمكين الشباب والشابات للاستفادة من النافذة الديموغرافية، وأيضا من خلال العمل على رفع مشاركتهم الاقتصادية، وتأمين العمل النظامي اللائق لهم، وشمولهم في نظم الحماية الاجتماعية، والحد من شعورهم بالإقصاء وحمايتهم من التطرف وبناء ثقتهم بدولهم من خلال إشراكهم في عملية صنع القرار وتشجيع مشاركتهم السياسية والعمل على تطوير سياسات تراعي الفئات المختلفة ضمن فئة الشباب والتشديد على أهمية وصول الشباب الى المعلومات والمهارات والفرص مما يمكنهم من تحقيق ذواتهم وإمكاناتهم ولعب دورهم الأساسي كمحرك للتغيير الإيجابي في مجتمعاتهم وبلدانهم والعمل على الحد من البطالة بين الشباب من خلال دراسة حاجات سوق العمل وتوجيه المؤسسات التعليمية والطلبة، الشابات منهم والشبان، نحو الاختصاصات التي تسهل وُلوجهم إلى سوق العمل.

Close
Close